العبقرية
تتفتح
كانت
هذه الخلائط البصرية لسلفادور الصغير مصدرا لا حدود له بلإنجذاب ولم يمضى
وقت طويل حتى بدأ سلفادور يشعر بأنه عليه أن يأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه
الطريقة الجديدة المثيرة. " كان ذلك أول اتصال لي مع نظرية منافية للتقاليد
الأكاديمية وتوريه على النطاق الجمالي"خصص له الرسام رامون غرفه واسعة
مطلية بالجبس الأبيض ليستخدمها سلفادور كمحترف له، في هذا المحترف بدأ
يستكشف خفايا الضوئية الآنية التي وجدها جذابة للأنظار في لوحاته يدفعه في
ذلك إبداع محموم. في أحد الأيام بعد أن استخدم كل القماشات الموجودة لديه
في المحترف قرر أن يرسم على باب خشبي قديم نخره السوس الموضوع الذي كان
يقيض مضجعه منذ بعض الوقت، رسم على هذا الباب طبيعة جامدة مع كومه من الكرز
أصر في هذه اللوحة على استخدام ثلاثة ألوان فقط بعضها على اللوحة مباشرة
بعد إخراجها من الأنبوب، جمع كمية محترمة من حبوب الكرز بمثابة موديل وبدأ
يرسم على خشب الباب فلاحظ وهو يرسم بأن كل حبة تتكون من ثلاث تدرجات لونية الأحمر القاني والأحمر الفاتح والأبيض، أنغمس في رسم
حبات الكرز بحيث نسي أن يصور ذيول الحبات." فجأة خطرت لي فكرة. أخذت قبضة
من حبات الكرز وبدأت التهامها. أخذت ذيول الحبات والصقتها على اللوحة في
المتوقع المناسب ومن أجل التشديد على واقعية الرسم أخذت ديدان حقيقة في
الثقوب المنخورة في الباب " دهش الرسام فضيعة بعد أ ن شاهد الباب وزاد
إعجابه بالفن المتميز لسفادور، مارس خلاله إقامته لدى الرسام دامون بيشو
تصرفات شاذة وغريبة مع الخادمة. كان يسكب الحليب الحار على صدرها لأنه كان
يجد متعه في ذلك ثم يصعد إلى محترفة ليرسم وهناك عمل كما قال في مذكراته
على اكتشاف الانطباعية وعلي تأكيد أحياء جنون العظمة الجمالية، قبل أن يترك
سلفادور قصر رامون وقع حادث لعب خلاله شيء دورا مسيطرا وأصبح فيما بعد أحد
عناصر المواضيع التي تطرق إليها من حين لأخر في أعماله، حدث ذلك خلال موسم
حصاد الزيزفون وهناك عثر على تاج ثقيل من المعدن كان قد استعمل في السابق
في مسرحية من المسرحيات، كان هذا التاج بالنسبة له اكتشافا عظيما مثيرا
مليئا بالمعاني اليتيمة " عبارة الأشياء المسحورة" وقابل خلال تجواله بين
عمال الحقل وعاملاته أميره مثيره جميلة وممتلئة الجسم تصحبها أبنتها
البالغة من العمر اثنتي عشر عاماً. وقع فورا في غرام هذه الفتاه التي وجد
فيها كل ما يتوافق مع تصوراته للمرأة النموذجية ولكن عندما حاول الإمساك
بالفتاة هربت منه وأنطلقت الوالدة تعنفه بأبشع النعوت قرر عندئذ أن يتلصص
على الوالدة عندما كانت تأخذ حمامها اليومي بعد انتهاء يوم العلم يضع التاج
على رأسه ويمتع نظره من شق حفره في باب غرفة الحمام بتقاطيع جسم هذه
المرآة الشابة، أحتفظ بعصا للاستناد عليها وهو يسير متشبها بالنبلاء الذين
كانوا يسيرون في الحقول وبأيديهم عكازات مزخرفة بالأحجار الكريمة للمباهات.
رافقته هذه العصا واستخدمها كموضوع مسيطر في لوحاته في وقت لاحق صمم عصا
لها عده وجوه محفورة في أعلاها، " لكي تحملها النساء الجميلات كي يشعرن
بجاذبية الشبق المحفور في لحم وجوههن" كان سلفادور مريضا بالجنس وبكل ما
يثير الشبق الجنسي وصور احاسيسة هذه في لوحاته الماجنة.
بتشجيع
من الرسام رامون أرسله والده لتلقي الدروس الفنية لدى أستاذ الرسم السنيور
نوينر في فيجو براس. كان نونير استاذا يوحي بالود ومرحا للغاية فأهتم
كثيرا بسلفادور مؤمنا بأن مستقبلا فنيا زاهرا ينتظره دون شك، حفز سلفادور
تشجيع واهتمام الأستاذ بأعماله فقرر دراسة اللوحات الشهيرة لاكتشاف فن من
الجاذبية فيها، وبدأ خلال فتره دراسته بالاهتمام بالمطالعة وبالأخص
المؤلفات الفلسفية لنيتشه وفولتار وكانت الذي قرأ واعاد قراءة مؤلفاته مرات
عده دون أن يتمكن من فهم نظريات هذا الفيلسوف قرأ مؤلفات سبينوزا وصمم على
توجيه اهتمامه الكامل إلى أعمال الفيلسوف ديكارت الذي استند على أفكاره في
رسم عده لوحات رائعة.
شيئا
فشيئا بدأت لوحات سلفادور تجذب انتباه النقاد والهواه والفنانين وبدأ يتلقى
دعوات لعرض لوحاته في المدن المجاورة لفيجو براس، أكمل خلال ذلك دراسته في
مدرسة الأدب المريميين رغم إن معظم أساتذته في هذه المدرسة كانوا عاجزين
عن تعليمه أي شئ.
كان
دخوله إلى أكاديمية الفنون الجميلة يخضع لامتحان قبول هو عبارة عن رسم
مستوحى من موضوع كلاسيكي وفق مقاييس وقواعد محدده وواضحة. قرر سلفادور
إهمال هذه الضوابط تماما وقدم رسما اعتبرت لجنة القبول صغيرا جدا فرسم لوحه
أخرى اعتبرتها اللجنة كبيرا جدا.
في يوم
تقديم الامتحان الرسمي قدم رسما كاملا فنيا من كافة المقاييس فوافقت
اللجنة على قبوله تلميذا في الأكاديمية.